للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حاول البعض اشتقاق معان أو قيم عددية لكل من مجموعات الحروف المذكورة لتوافق بعض النبوءات والتصوّرات، وهنالك شطحات صوفية بعيدة في هذا المجال، كما حاول البعض إيجاد معان أو عناصر مشتركة بين السور ذات مجموعات الحروف المتشابهة، ورغم كلّ ذلك لا يوجد إجماع على معناها، فالله أعلم بمراده، وقيل أيضا أنها من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، انظر آية [آل عمران ٣/ ٣].

﴿ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٢)

٢ - ﴿ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ المعنى أن هذا الكتاب، أي القرآن، هو من الله بلا شكّ، إذا تم الوقف بعد كلمة ﴿رَيْبَ،﴾ وهناك معنى آخر وهو أنه لا يتطرق الشك لأي من محتواه، إذا تم الوقف بعد كلمة ﴿فِيهِ،﴾ لقوله تعالى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة ٢/ ٢٣]، لأنّ كتب البشر التي تتطرق الى الغيبيات مبنية على الظن، ولكن القرآن مبني على اليقين، لأنه من عند الله ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ الذين ستذكر الآيات التالية أوصافهم، فالقرآن موجه للجميع إنما يستفيد منه ذوو صفات معينة فقط، وأول هذه الصفات التقوى، التي يترتب عليها أن يكون ذهن المرء منفتحا، راغبا في التوصل إلى الحقيقة وإلى التمييز بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، متحررا من التقليد، أما الذين ينغمسون في الحياة المادية ويلهثون وراء أهوائهم المهيمنة عليهم، والذين أغلقوا عقولهم على التقليد وقالوا قلوبنا غلف، فليس بمقدورهم الاستفادة من هدي القرآن، أما صفات المتقين فمبينة في الآيات التالية:

﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (٣)

٣ - الصفة الأولى من صفات المتقين أنهم يؤمنون بالغيب: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ والغيب مجموعة الحقائق التي لا تدرك بالحواس، مثل وجود الله تعالى،

<<  <  ج: ص:  >  >>