٢٠٧ - ﴿وَمِنَ النّاسِ﴾ الذين هم على النقيض من الناس المذكورين في الآيات (٢٠٤ - ٢٠٦) ﴿مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ﴾ يشري بمعنى يبيع كقوله تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ [يوسف ١٢/ ٢٠] أي باعوه، والمعنى أنّه من الناس من يضحّي بكافة مصالحه الشخصية ويبذل نفسه إذا اقتضت مرضاة الله ذلك، والآية تتمة لما قبلها لأنّ من ينصح الفاسق الذي حصلت له الولاية يكون مستعدّا لبذل نفسه ابتغاء مرضاة الله، وقيل إنّ عمر ﵁ قرأ هذه الآية ثمّ قال:«إنّا لله وإنّا إليه راجعون، قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل» ﴿وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ﴾ فمن رأفته تعالى أنّه لا يكلّف نفسا إلاّ وسعها.
٢٠٨ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ كونوا كالمذكورين في الآية (٢٠٧)، ولا تكونوا كالمذكورين في الآيات (٢٠٤ - ٢٠٦)، والسلم هو الإسلام، والخطاب للمؤمنين بأن يدخلوا في كافة شرائع الإسلام بشكل متكامل، وبحيث يكون سلوك المسلم ومعاملاته مع الناس وتطلّعاته ومساعيه كلّها وفق الإطار الإسلامي، بحيث يكون عمله مطابقا لقوله ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾ أي ما خالف شرائع الإسلام ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ يوسوس لكم ويزّين لكم سوء أعمالكم، راجع آية [الأعراف ٧/ ١٧].
٢٠٩ - ﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ﴾ إن زللتم عن الإسلام إلى الباطل والشكوك ﴿مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ﴾ في القرآن ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ في عقابه، فبعد أن أمر تعالى الناس بدخول شرائع الإسلام كافة، بيّن أنّه لا عذر لهم بعد أن