للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لليهود وقت بعثة موسى فلم تنفعهم الخوارق المذهلة كانفلاق البحر، وتظليل الغمام عليهم في الصحراء، ونزول المن والسلوى، وتفجّر الماء اثنتي عشرة عينا في الصحراء، بل تقننوا في كفرهم وتمردهم على موسى ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ يتركهم تعالى لحرية خيارهم فيستمروا في التخبط والطغيان.

﴿وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾ (١١١)

١١١ - تتمة الخطاب من الآية السابقة: ﴿وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ﴾ لو أنه تعالى لم يقتصر فقط على إنزال ما طلبوه من الخوارق، بل لو نزّل عليهم الملائكة تباعا، وجها لوجه ﴿وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى﴾ فأخبروهم بحقيقة الحياة الآخرة بعد الموت ﴿وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً﴾ كل ما يمكن حشده، وجها لوجه، من براهين الحقيقة ﴿ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ ما كان لديهم الاستعداد أن يؤمنوا ﴿إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ﴾ لأن كل شيء يجري في الكون بموجب سننه تعالى في خلقه، فمن فقد الاستعداد للإيمان وأصرّ على الضلال لا يؤمن، ولو شاء تعالى لكان غير ذلك ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾ يجهلون سننه تعالى في الخلق، ويجهلون كيفية انطباقها على الأفراد والمجتمعات.

﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ﴾ (١١٢)

١١٢ - ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ كما جعلنا هؤلاء الكفار والمشركين والمكابرين - المشار إليهم في الآيات السابقة - أعداء لك أيها النبي، فكذلك جعلنا لكل نبي قبلك أعداء على شاكلتهم، وهم شياطين الإنس والجن - والشيطان في اللغة هو كل عات متمرد، والعدوّ يطلق على المفرد والجمع - والمعنى أن من سنة الله تعالى في خلقه أن يكون كل عات متمرد

<<  <  ج: ص:  >  >>