للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأخذوا بالاعتبار أن خروج روح النبي من جسده مؤقتا في أثناء الإسراء والمعراج، هو إعجاز هائل في حد ذاته، يفوق كثيرا الإسراء بالجسد والروح معا، لأن خروج الروح من الجسد لا يكون عادة إلا بعد الموت، كما كانت الحال مع الأنبياء الذين صلّى بهم النبي إماما، ثم التقاهم أثناء معراجه، فقد التقى بهم أرواحا بعد موتهم، أما هو فقد كان روحا لا يزال على قيد الحياة الدنيوية، فلا يقلل من واقعية هذه الخبرة الروحية الغيبية العجيبة للنبي في إسرائه ومعراجه، قيد شعرة أنها كانت بالروح فقط عمّا لو كانت بالروح والجسد معا، لا بل إنها تفوق عليها بكثير،

وقد قيل الكثير من الإسرائيليات في تفصيل قصة إسرائه ومعراجه ، مما لا يقبله عقل، قال الرازي: ومن ذلك ما روي من شقّ بطنه وتطهيره بماء زمزم، وهو بعيد، لأن ما يغسله الماء هو النجاسات العينية، ولا تأثير لذلك في تطهير القلب من العقائد الباطلة والأخلاق الذميمة، ومنها ما روي من ركوب البراق وهو بعيد أيضا، لأنه تعالى لمّا سيّره من هذا العالم إلى عالم الأفلاك، فأي حاجة إلى البراق؟ ومنها ما روي أنه تعالى أوجب خمسين صلاة على المسلمين في اليوم والليلة، ثم إنّ محمدا لم يزل يتردد بين الله تعالى وبين موسى حتى أصبحت الخمسون خمسة، وهذا يقتضي نسخ الحكم قبل حضوره، وأنه يوجب البداء على الله تعالى وهو محال، فثبت أن هذا الحديث مشتمل على ما لا يجوز قبوله عقلا فكان مردودا، وغيره كثير، انظر أيضا كتاب زكريا بن خليفة المحرمي:

"قراءة في جدلية الرواية والدراية عند أهل الحديث" صفحة (٢٤٦ - ٢٥٠)،

[اتصال السورة بما قبلها]

في أواخر سورة النحل أن رسالة الإسلام نسخت الرسالات السابقة: ﴿وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ (١٠١/ ١٦)، ومن ذلك نسخ السبت عند اليهود: ﴿إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>