للرحمن، إذ في الخطاب محذوف وتقديره:(قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ - ويستحيل أن يكون ذلك - فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ - للرحمن -).
﴿فتنزّه تعالى عمّا يدّعون له من الذرية: ﴿سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ﴾ (٨٢)،
وما على المؤمن - بعد استنفاد محاولات الحوار والإقناع معهم - سوى أن يذرهم لحرية خيارهم وما يخوضون فيه من ابتداع نظريات لاهوتية بحسب ما قرروه في مؤتمر نيقية في سنة ٣٢٥ م وفي المؤتمرات المسكونية بعده، فيتركهم حتى يحين حسابهم: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ (٨٣)،
فالله تعالى وحده إله السماوات والأرض، بخلاف ما زعموا أنّ المسيح تجوّل في الأرض متقمصا شخصية إله: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ * وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (٨٤ - ٨٥)،
وأنّ من يدّعون فيهم الشفاعة لا يملكون شيئا، كزعمهم أن المسيح افتدى خطاياهم بالنيابة: ﴿وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (٨٦)،
وهم مع كل ذلك مقرّون أن الله وحده خالقهم، فمن العجب أن يصرفوا إلى الشرك وينكروا القرآن: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ﴾ (٨٧)،
وأن على الرسول - والمؤمنين من بعده - ألا يتحسروا عليهم بل يتركوا المصرّين منهم لشأنهم ويصفحوا عنهم حتى يوم الحساب: ﴿وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ * فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (٨٨ - ٨٩).