﴿فالمستكبرون المصرّون على الكفر يؤول مصيرهم إلى عذاب الذلّ والهون في الآخرة بعد أن كانوا يستمتعون بالطيبات في حياتهم الدنيا: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاِسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ﴾ (٢٠)
وتضرب السورة مثلا ببعثة النبي هود إلى قومه عاد يدعوهم لعبادة الله وحده وينهاهم عن الشرك، وفي ذلك عودة لموضوع (الآيات ٤ - ٦): ﴿وَاُذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (٢١) والنّذر بين يديه إشارة للآيات الآفاقية، ومن خلفه أي ما قبله من بعث الرسل.
لكنّ عاد تمسّكت بما توارثته عن الآباء من التقليد وظلم العقل، وتحدّث نبيّها أن يأتيها بالعذاب الموعود: ﴿قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ (٢٢)
لكن مهمة النبي مقتصرة على البلاغ وليس القهر، والعلم عند الله بتوقيت العذاب واستحقاقه: ﴿قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ﴾ (٢٣)
فلما رأوا العاصفة متجهة نحوهم استبشروا بها وظنّوهات مطرا في حين كانت ما استعجلوا من العذاب: ﴿فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اِسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ (٢٤)
فلم تترك في ديارهم سوى مساكن فارغة من أهلها: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥)﴾، وتفصيله قوله تعالى في سورة الحاقة: ﴿وَأَمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ *﴾