للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - ومن دلائل وحدانيته أيضا خلق البشر والأنعام: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ البشر كلهم مخلوقون من أنفس متماثلة فهي من ثمّ نفس واحدة ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها﴾ الزوج في اللغة يطلق على الجنسين فالمرأة زوج الرجل، والرجل زوج المرأة، والمعنى أنه تعالى خلق زوجها من جنسها، وهو قول أبي مسلم الأصفهاني ذكره الرازي، وشبيه بذلك قوله تعالى: ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً﴾ [النحل ٧٢/ ١٦]، انظر أيضا [النساء ١/ ٤]، ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ﴾ من الضأن اثنين: الكبش والنعجة، ومن المعز اثنين:

التيس والعنز، ومن الإبل اثنين: الجمل والناقة، ومن البقر اثنين: الثور والبقرة، وقد ذكرت في سورة الأنعام لجهة ما كانوا يحرمونه في الجاهلية [الأنعام ١٤٣/ ٦ - ١٤٤]، في حين ذكرت هنا لبيان أنها من رزق الله تعالى، لأنّ البشر معتمدون عليه تعالى بالكلية بعد أن خلقهم من نفس واحدة.

﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ﴾ من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، انظر [الحج ٥/ ٢٢]، ﴿فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ﴾ ظلمة الرحم والبطن وظلمة قبل الولادة ﴿ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ﴾ على الإطلاق في الدنيا والآخرة ﴿لا إِلهَ إِلاّ هُوَ﴾ ولو كان في السماوات والأرض آلهة إلاّ الله لفسدتا، انظر [الأنبياء ٢٢/ ٢١] ﴿فَأَنّى تُصْرَفُونَ﴾ عن هذه الحقائق؟

﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ (٧)

٧ - بعد بيان نزول القرآن، والدلائل المشار إليها آنفا فإنّ عاقبة الكفر والشكر تعود على صاحبها دون غيره: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾ غنيّ عن إيمانكم وشكركم ﴿وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ﴾ لما فيه من الضرر على العباد، فالجحود يعود سلبا على صاحبه ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ لما فيه من نفعكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>