للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، يوم لم يكن للهجرة داع سوى اليقين في الإيمان، والإخلاص للإسلام، والشوق لحرية العبادة والعقيدة، والسابقون تاريخيا هم الذين هاجروا قبل الهجرة النبوية أو بعدها بسنوات قلائل حتى صلح الحديبية، راجع الخلفية التاريخية، وقبل أن يكون للمسلمين قوة أو دولة ترتجى، أو يخشى منها، فلم يكن للمصلحة وللنفاق في حينه مقتضى ولا سبب ﴿وَالْأَنْصارِ﴾ السابقون الأولون من الأنصار من أهل المدينة، الذين نصروا إخوانهم المسلمين المهاجرين إليهم واستقبلوهم وأعانوهم، وفي مقدمتهم الذين بايعوا النبي في العقبة قرب مكة، بيعة العقبة الأولى قبل الهجرة النبوية بسنة وبضعة شهور، ثم بيعة العقبة الثانية قبل الهجرة النبوية ببضعة شهور ﴿وَالَّذِينَ اِتَّبَعُوهُمْ﴾ الذين اتبعوا السابقين من المهاجرين والأنصار، فجعلوهم قدوة لهم في الهجرة من دار الكفر، وفي نصرة من يهاجر إليهم ﴿بِإِحْسانٍ﴾ بشرط أن يكون اتباعهم لهم بإحسان، أي يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة قولا صدقا وعملا ﴿﴾ بقبول طاعتهم والرضى عن أعمالهم، والضمير في ﴿عَنْهُمْ﴾ عائد للأصناف الثلاثة المذكورين ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ بما وفقهم إليه من الهداية، وبما نالوه من نعم الدنيا والآخرة ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ ليس فوز آخر بعده.

﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ﴾ (١٠١)

١٠١ - بعد أن وصفت الآيات (٣٨ - ٧٠) و (٧٣ - ٨٧) و (٩٠ - ٩٨) أنواعا ثلاثة من المنافقين، تبين الآيات (١٠١) و (١٠٧) و (١١٠) أنواعا من منافقي الأعراب ومن أهل المدينة مردوا على النفاق أي تمرّسوا فيه، وهذه الآية معطوفة على الآية (١٠٠)﴾ من قبيل عطف الضد على الضد:

﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ﴾ أي في البادية حول بلدتكم ﴿مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ﴾ منهم منافقون ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ﴾ منهم منافقون أيضا ﴿مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>