﴿كما في السورة السابقة، تشير الآيات (١ - ٣) إلى معجزات من ثنائية الخلق المشار إليها في آية [الذاريات ٤٩/ ٥١]، في مقابل وحدانية الله سبحانه، فهنالك الليل الذي يغشى الأرض، والنهار الذي ينيرها: ﴿وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى * وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى﴾ (١ - ٢)
ومعجزة خلق الذكر والأنثى: ﴿وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى﴾ (٣)
وحتى تفاوت أهداف الإنسان ودوافعه ومساعيه نحو الخير أو الشر، أو الدنيا أو الآخرة، فشتّان ما بينهما: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى﴾ (٤)
وشتّان ما بين عواقب كلّ منها، فمن أنفق من ماله لوجه الله واجبا أو نفلا واتّقى كل ما لا ينبغي وجعل خشية الله نصب عينيه: ﴿فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَاِتَّقى﴾ (٥)
وآمن بالخير المطلق الذي نزل به الوحي: ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى﴾ (٦)
فيوفّقه تعالى لحياة السكينة والسلام الروحاني: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى﴾ (٧)
وأمّا من أعمته المادة واللهاث وراء الدنيا والهوى والشهوات واعتقد بنفسه الاكتفاء والاستغناء عن الهدي الإلهي: ﴿وَأَمّا مَنْ بَخِلَ وَاِسْتَغْنى﴾ (٨)
وكذّب بمعايير الحق والباطل واتّبع معايير وضعية من عنده: ﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى﴾ (٩)
فيخلّيه تعالى لنفسه يتخبط في الباطل ويكابد مشاق الحياة فيتعزز سلوكه بمكاسب دنيوية قصيرة الأمد ويعتاد عقله على الباطل فينغمس فيه: ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠)﴾