لغير الله من أوثانكم وآلهتكم؟ وهو استفهام إنكار ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ﴾ لأن المحرّمات قد فصّلها تعالى لكم، فما بال بعضكم يجعل الحلال حراما، وبعضكم يجعل الحرام حلالا؟ - وتفصيل التحريم مذكور في الآية (١٤٥) من هذه السورة - ﴿إِلاّ مَا اُضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ بسبب شدة الجوع، فحينئذ يزول التحريم ويجوز لكم الأكل من الطعام المحرّم، انظر الآية (١٤٥)، وآية [المائدة: ٥/ ٣]، ﴿وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ﴾ أي بموجب أهوائهم ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ يقيني، فيحرّمون الحلال ويحلّون الحرام على هواهم، والإشارة عامة وغير مقتصرة على المأكل والمشرب - وقد استنتج الرازي منها أن القول في الدين بناء على التقليد حرام، لأن التقليد والعصبية عبارة عن اتباع الهوى، ممّا ينفي دور العقل، وقد حرّمته الآية - ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾ الذين يتجاوزون حدود الشرع، ويبتدعون حدودا وتشريعات من عند أنفسهم، ولأن من يحرّم ما أحلّ الله، كمن يحلّ ما حرّمه الله، لا فرق بينهما.
١٢٠ - ﴿وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ﴾ ما أعلنتم منه وما أسررتم، فلا يكون لديكم مقاييس أخلاقية مزدوجة، مختلفة في العلن عمّا هي في السر، وفي الحديث:«اليسير من الرياء شرك»، وفي الحديث أيضا:«ما تضعضع امرؤ لآخر يريد به عرض الدنيا إلاّ ذهب ثلثا دينه»، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ﴾ بأفعالهم الظاهرة، أو بالدسائس الخافية والمكر السيء والخداع والتمويه ﴿سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ﴾ أي بنتيجة ما كانوا يقترفون من الإثم، وهو الارتباط بين السبب والمسبّب، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٩٩/ ٨].