٥٠ - ﴿وَقالُوا﴾ الكفار والسذّج ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ يريدون آيات مادية ومعجزات تلمسها أيديهم، كنزول القرآن مكتوبا، وذلك لشدة طفولتهم العقلية، وعجزهم عن استخدام مداركهم الفكرية في تقويم القرآن من حيث جدارته ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ﴾ المادية ﴿عِنْدَ اللهِ﴾ هو وحده يقرر نزولها إن شاء، إن اقتضت الحكمة والمصلحة ﴿وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ لا غير، فليس من وظيفتي اجتراح المعجزات.
٥١ - ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾ هؤلاء الكفار والمكابرون والسذّج ﴿أَنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ﴾ القرآن ﴿يُتْلى عَلَيْهِمْ﴾ بما فيه من إعجاز، فأين عقولهم التي كرمهم الله تعالى بها؟ ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ في نزول القرآن ﴿لَرَحْمَةً﴾ لأنه معجزة كائنة وباقية في كل زمن وكل مكان ﴿وَذِكْرى﴾ للناس، يذكّرهم بدين الفطرة، انظر [الأعراف ١٧٢/ ٧]، ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بما يميل إليه العقل السليم، والفطرة السليمة، بخلاف المكابرين المعاندين.
٥٢ - ﴿قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً﴾ على مصداقية القرآن والوحي، فآياته تشهد على ذاتها بذاتها ﴿يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ أحاط علمه القديم بكل شيء ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ﴾ رغم الآيات البينات ﴿وَكَفَرُوا بِاللهِ﴾ يكونون كمن أوصل نفسه بنفسه إلى الحضيض، إذ استخدم عقله استخداما سلبيا ﴿أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ خسروا أنفسهم، وليس أعظم من خسارة الأنفس.