للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعاصي، ولم تحصل نظافة الظاهر، كان طهارة الباطن لها أثر، وعليه فإنّ طهارة الباطن بالدرجة الأولى

وقد ذكر الألوسي رأي البعض أن المراد من الآية مسجد قباء حصرا، بدليل قوله تعالى: ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ لأن مسجد قباء بني من أول أيام الهجرة ودخول المدينة، قال: قال السهيلي: ويستفاد من الآية صحة ما اتفق عليه الصحابة مع عمر حين شاورهم في التاريخ فاتفق رأيهم على أن يكون من عام الهجرة، فوافق رأيهم هذا ظاهر التنزيل، وفهمنا الآن أنّ قوله تعالى ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ أنّ ذلك اليوم هو أول أيام التأريخ الذي نؤرخ به الآن، فإن كان الصحابة أخذوه من هذه الآية فهو الظن بهم، لأنهم أعلم الناس بتأويل كتاب الله تعالى وأفهمهم بما فيه من الإشارات، وإن كان ذلك عن رأي واجتهاد فقد علمه تعالى وأشار إلى صحته قبل أن يفعل، إذ لا يعقل قول القائل فعلته من أول يوم، إلاّ بالإضافة إلى عام معلوم، أو شهر معلوم، أو تأريخ معلوم، انتهى.

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ (١٠٩)

١٠٩ - ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ﴾ أي من يريد بعمله تقوى الله ورضوانه ﴿خَيْرٌ﴾ عملا وأفضل عاقبة ﴿أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ﴾ الجرف حافة الوادي الذي إذا جاء السيل جرف أساسه من تحته فأصبح مائلا للانهيار، فهو هار وهائر، فإذا سقط فقد انهار، والمعنى أنّ المنافق المرائي الكذّاب يكون أساس عمله على شفير الانهيار، بخلاف المؤمن الصادق الذي يريد بعمله تقوى الله ورضوانه فيكون أساس عمله ثابتا دائما، والنتيجة أن البقاء والدوام يكون للأصلح ﴿فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ﴾ في الآخرة ﴿وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ لأنّ من سنته تعالى في خلقه أنّ الظالم لا يهتدي في أعماله إلى الحق والعدل، والله تعالى لا يحيط الظالمين بتوفيقه ورعايته.

<<  <  ج: ص:  >  >>