للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جهل بالشرع أو فساد في العقل، قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٨/ ٦٠].

﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ (١٦١)

١٦١ - أرجف ضعاف النفوس في أحد بإشاعة مقتل النبي وداخلتهم الشكوك في نبوّته، وقالوا: لو كان نبيّا ما قتل، فقال تعالى: ﴿وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ أي على النقيض ممّا يقوله المنافقون والكفار يستحيل على نبيّ أن يغلّ، والغلول هو الخيانة على سبيل الخفية، وتغلغل الشيء في الشيء إذا انتشر في باطنه خفية، والمعنى أنّ الأنبياء منزّهون عن الغلول ومعصومون عنه، فلا ينبغي لأحد أن يرتاب بهم ولا يظن بهم شيئا من الخيانة، لأنهم لا يكتمون من وحي الله شيئا، كما أنهم لا ينسبون كلامهم الشخصي إلى الله تعالى فيزعمون أنه وحي، وهذا الادعاء على سقمه شائع بين الكفار في كل الأزمنة، ومن الغلول أيضا أخذ الشيء خفية كالسرقة، والغلّ الحقد الكامن في الصدر ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ أي من يغلل من الناس يأت بوزر غلّه يوم القيامة ﴿ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ تجازى كل نفس جزاء ما كسبت من الغلّ.

﴿أَفَمَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (١٦٢)

١٦٢ - ﴿أَفَمَنِ اِتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ﴾ وهم ذوو الإيمان اليقيني والمتّبعون للنبي وسنّته ﴿كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ﴾ هم المنافقون والكفار احتملوا سخط الله ورجعوا به ﴿وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ بسبب سوء ظنّهم بالنبي والأنبياء، أي ليسوا سواء، والكلام استمرار لما سبقه في الآية المتقدمة.

ويحتمل المعنى أيضا أنّ من اتبعوا رضوان الله هم الأنبياء لأنهم منزّهون عن الغلول وقد أدّوا الرسالات السماوية على تمامها، وأما غيرهم ممّن شوّهوا

<<  <  ج: ص:  >  >>