للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إزالتها، والدعاء بطمسها لأنّها كانت بأيدي الملأ من كبار القوم دون الدهماء من عامة الناس ﴿وَاُشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ حتى تصبح ضيقة حرجة لا يتمتعون معها بالسعادة ﴿فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾ حتى يعيشوا حالة من القلق والتعاسة والضيق النفسي والخوف والترقّب.

﴿قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٨٩)

٨٩ - ﴿قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما﴾ بطمس أموال الملأ والشدّ على قلوبهم، ولكن في وقته ﴿فَاسْتَقِيما﴾ على ما أنتما عليه من الدعوة وإلزام الحجّة ولا تستعجلا، واستمرّا في إعداد بني إسرائيل للخروج ﴿وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ أي سبيل الجهلة بسنة الله في الخلق، فلا تستبطئا إنجاز الوعد قبل أوانه، لأنّ الدعاء وإن كان مجابا فقد لا يحصل في الحال، والمغزى أنه تعالى يعطي الناس فرصا للتوبة والرجوع إلى الحق ثمّ إذا حصلت لهم سوء العاقبة كانت نتيجة إصرارهم ومحض أعمالهم الاختيارية.

﴿وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٩٠)

٩٠ - ﴿وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ﴾ أي بعد تبيّن إصرار فرعون وملئه على الكفر وبعد أن تمّ تجمّع بني إسرائيل وحان أوان خروجهم، جاوزوا إلى الشاطيء الآخر بلطف العناية الإلهية ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً﴾ ظلما واعتداء ﴿حَتّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ﴾ خاض فرعون البحر وراءهم حتى إذا وصل إلى حد الغرق ﴿قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ﴾ بدعوة موسى ﴿وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ المستسلمين لله المنقادين لأمره، أي جمع بين الإيمان الذي هو التصديق بالقلب، والإسلام الذي هو الإذعان والخضوع بالفعل (انظر شرح الآية ٨٤)، وكان من قبل جاحدا، أي مصدّقا غير مذعن ولا خاضع، أي بعد جحودهم بآيات موسى، كانت هذه عاقبتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>