إن كان إيمان المستضعفين عن عقيدة، أو عن طلب دنيا، فذلك موكول إلى الله تعالى وللإنسان الظاهر فقط ﴿وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾ وهو ردّ على قولهم إنه بشر مثلهم ﴿وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ من ضعاف الناس المؤمنين وتريدون مني طردهم ﴿لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً﴾ لا أجزم أنّه تعالى لن يؤتيهم خيرا في الدنيا والآخرة ﴿اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ من صدق العقيدة، أو طلب الدنيا، وهو وليّ أمرهم، وربّما كان باطنهم من الإيمان كظاهرهم فيؤتيهم الله ثواب الدنيا والآخرة ﴿إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ﴾ إن حكمت عليهم بالظنّ وطردتهم كي تنتظموا في صفوفي.
٣٢ - بعد أن أفحمهم نوح بالحجج على مدى ﴿أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً﴾ [العنكبوت ١٤/ ٢٩]، ضاقوا به ذرعا وهم مصرّون على العناد والمكابرة حتى وصل عجزهم معه إلى حدّ اليأس فقالوا له: ﴿قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا﴾ دون أن تقنعنا ﴿فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا﴾ أتيت بأنواع كثيرة من الجدال، فأطلتها خلال هذه السنين الكثيرة، انظر آيات [نوح ٥/ ٧١ - ٦]، ﴿فَأْتِنا بِما تَعِدُنا﴾ من العواقب الوخيمة أو العذاب المعجّل ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ في دعوتك لنا.
٣٣ - ﴿قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ﴾ أي إنّ نزول العذاب ليس إليّ، ولا في قدرتي، وإنّما هو لله تعالى الذي كفرتم به، يأتيكم بالعذاب عاجلا أو آجلا إن تعلقت به مشيئته المعلقة بالحكمة ﴿وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ ولا سبيل لكم للإفلات منه.
٣٤ - ﴿وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ﴾ إذا عرف الله تعالى من الكافر إصرارا خلاّه وشأنه ولم يلجئه إلى