للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾ (٤)

٤ - رغم الآيات الباهرات المذكورة آنفا كخلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وخلق الإنسان من الطين، فالكفار ما زالوا معرضين عن الإيمان وعن التفكّر: ﴿وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ﴾ قد تكون الآيات بالمعنى العام وهي الرسالات السماوية التي نزلت على الأنبياء، أو قد تكون بمعنى الآيات القرآنية، أو قد تكون بمعنى المعجزات والدلائل الكونية، راجع شرح آية [البقرة: ٢/ ٣٩]، ﴿إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾ صمّم الكفار على الإعراض عما يأتيهم من آيات الوحي عن طريق الرسل، كما دأبوا على الإعراض عن التفكر في المعجزات الكونية والدلائل التي توجب الإيمان والتوحيد،

وقد رأى الرازي أنّ في هذه الآية دلالة على بطلان التقليد، وتأكيد أن التأمل والتفكر في الدلائل واجب، لأن الإسلام مبني على أساس الدليل والبرهان، وقد تكررت الإشارة لذلك في آيات [البقرة: ٢/ ١٧٠] و [المائدة: ٥/ ١٠٤].

﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ (٥)

٥ - ﴿فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ﴾ لم يكتف الكفار بالإعراض عن التفكّر بالآيات والدلائل، أو كونهم غافلين عنها، بل تجاوزوا ذلك إلى تكذيب الرسل والوحي والقرآن لمّا جاءهم ﴿فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ ولم يكتفوا بالتكذيب بل تجاوزوه إلى الاستهزاء، فهذا تأكيد على أنهم سوف يعلمون عواقب تكذيبهم واستهزائهم، إن في الحياة الدنيا بظهور معجزات القرآن لهم، أو بالبعث بعد الموت، هذا في المعنى العام.

أما في المعنى الخاص فقد تكون الإشارة إلى الهجرة النبوية - التي حدثت بعد نزول هذه السورة مباشرة - ثم الانتصارات الباهرة للإسلام التي تلت ذلك ممّا لم يكن يتوقعه أحد من كفار مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>