للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وتكشف حجب الغيب فلا يبقى عند المكابرين - بعد فوات الأوان - أي شك في حقيقة الحساب: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ (٢٢) وحديد بمعنى حادّ،

وأن قرين السوء - الشيطان - يورد صاحبه مورد الهلاك: ﴿وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ (٢٣) وهو شبيه بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ [الزخرف ٣٦/ ٤٣]، وقوله تعالى: ﴿حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ [لزخرف ٣٨/ ٤٣].

فيلقى في جهنم الذين كابروا وأصرّوا على الكفر والشرك، وارتابوا في الآخرة وفي الثواب والعقاب: ﴿أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ * مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ﴾ (٢٤ - ٢٦)، وخطاب المثنّى في ﴿أَلْقِيا﴾ إلى السائق والشهيد، الآية ٢٠، فعمل المرء يشهد عليه، ويسوقه إلى عاقبته الطبيعية.

وأن ليس باستطاعة الشيطان إجبار أحد على الغواية إلا من كان عنده ميل إلى الضلال فيزيّن له ضلاله: ﴿قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ (٢٧)، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ [إبراهيم ٢٢/ ١٤].

كما الأعذار لا تفيد أحدا بعد كشف الحجب: ﴿قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ اِمْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ (٢٨ - ٣٠)

وبعد أن بينت الآيات (١ - ٣٠) إصرار الكفار على تكذيب الوحي ومنعهم الخير وارتيابهم في البعث وسوء مآلهم في الآخرة، تبين الآيات (٣١ - ٣٥) بالمقابل حسن مآل المتقين الذين آمنوا بالغيب: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>