وغيرهم أحسن منها؟ فمن يؤمن بما أنزل على جميع الأنبياء كافة فقد اتّخذ صبغة الله، وفي كلمة (صبغة) إشارة إلى عادة اليهود وقت بعثة يحيى وعيسى ﵉ تغطيس المعتنق الجديد للدين في ماء النهر تعبيرا عن غسل خطاياه السابقة، واتخاذه صبغة جديدة في الحياة، ولذا أطلقوا على يحيى ﵇ لقب (يحيى الصابغ أي المعمدان)، ومنه قوله تعالى ﴿وَالصّابِئِينَ﴾ (٦٢) أي الصابغين، وقد استمرت هذه العادة لدى النصارى وصار يطلق عليها «التعميد»، واستخدمت أيضا مع حديثي الولادة، أما مغزى الآية فهو كما يلي: ما فائدة التعميد أو التغطيس الشكلي بالماء؟ فالمهم اتخاذ صبغة الله ليس بالغسيل الظاهري للجسد، ولكن بتطهير الروح بواسطة الإيمان الصحيح والأعمال الصالحة ﴿وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ﴾ نحن المسلمون عابدون لله وحده، بلا شرك.
١٣٩ - ﴿قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ﴾ أي إنّ ما جاء به محمد ﷺ لم يكن سوى الدعوة إلى عبادة الله وحده، وهو ربّ الجميع، وليس في ذلك ما يدعو إلى الجدل بين المؤمنين، ولكنّ الجدل ينتج عن اعتقاد اليهود أن النبوة من حقهم فقط دون غيرهم من الأمم، ثمّ اعتقاد المسيحية بألوهية المسيح، وكل منهم يعتقد أن النجاة في الآخرة من نصيبه فقط ﴿وَلَنا أَعْمالُنا﴾ نحاسب بها ﴿وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ﴾ تحاسبون بها، وهو تأكيد على مبدأ المسؤولية الفردية في المعتقد والسلوك وحرية الخيار، فالمسلمون لن يكرهوا أحدا على اعتناق الإسلام ﴿وَنَحْنُ﴾ المسلمون ﴿لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ فلا نعبد غيره.