٢٥ - قصة نوح سبق ذكرها مختصرة مرتين في ترتيب المصحف: الأولى في سورة [الأعراف ٥٩/ ٧ - ٦٤]، والثانية في سورة [يونس ٧١/ ١٠ - ٧٤]، ذكرت كل منها بعبر مختلفة عن الثانية، وفي هذه السورة ترد بمزيد من التفصيل، والقصة هنا معطوفة على ما ذكر في أول السورة من بعثة النبي ﷺ، بل هي عطف على الآيات (٢٤/ ١)، ولبيان أن حال النبي مع قومه كحال من قبله من الرسل من الرفض والتكذيب: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ وهو قول نوح لقومه إنه ينذرهم بيوم الحساب.
٢٦ - ﴿أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ﴾ أنذركم بألاّ تعبدوا إلاّ الله ﴿إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ وهو يوم الحساب كونه أليما للكفار الظالمين.
٢٧ - ﴿فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ﴾ أي فبادر الملأ من كبار القوم، واقتران جوابهم بالفاء لأنه الأصل في الردّ السريع، أي إنهم بادروا بالرفض فورا بما يبطل دعوة نوح بزعمهم، وفي سورة الأعراف ورد قولهم مفصولا لا يعلم متى وقع منهم: ﴿قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الأعراف ٦٠/ ٧] وهو من إعجاز القرآن، وقالوا إنّ كبار القوم سمّوا ملأ لأنهم يملؤون الأعين هيبة وأبهة، أو لأنهم يتمالؤون ويتساندون ﴿ما نَراكَ إِلاّ بَشَراً مِثْلَنا﴾ وهي الشبهة الأولى عندهم، تعريضا بأنهم أحق منه بالنبوة، وأن الله تعالى لو أراد أن يجعلها في أحد من الناس لجعلها فيهم ﴿وَما نَراكَ اِتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا﴾ وهي الشبهة الثانية، أي اتّبعه من الفقراء والضعفاء من هم دونهم في الطبقة الاجتماعية، وهو دأب المترفين مع رسلهم من قبل، وأكثر ضعاف الناس وفقرائهم يقبلون الحق عادة إذا فهموه لعدم استكبارهم عن اتباع غيرهم،