للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (٨)

٨ - ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ بعد أن ذكر تعالى في أول السورة فئة المؤمنين من الناس، ثم فئة الكفار منهم، ينتقل الخطاب هنا إلى فئة المنافقين والماديين، الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ويبطنون خلاف ما يظهرون، والإشارة المباشرة هي إلى المنافقين من أهل المدينة خلال السنوات الأولى بعد الهجرة النبوية، ولكن كما هي العادة في القرآن الكريم فإن مغزى الآيات لا يقتصر على الأحداث التي عاصرت نزول الوحي وإنما المغزى عام لكل العصور ﴿وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ لأن إيمانهم مقتصر على الادّعاء والكلام ولا ينعكس إيجابا على سلوكهم، ونلاحظ أنه تعالى وصف الكفار في آيتين (٦ - ٧) في حين فصّل أحوال المنافقين في ثلاث عشرة آية (٨ - ٢٠) تنبيها على خطرهم، لأن المنافق ضمّ إلى سلوكه التلبيس والكذب المبطن، وهو بسبب تهالكه على الدنيا والسلطة والمادة بأي ثمن، في الوقت الذي يدّعي الإيمان والصلاح، يكوّن خطرا كبيرا على المجتمع.

﴿يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ﴾ (٩)

٩ - ﴿يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ أصل الخداع الإخفاء، ولذا سميت الخزانة مخدع، والخداع الخلقي هو المخاتلة، ويخادعون الله مجازا أي يظنون أن أمورهم تخفى على الله ﴿وَما يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ﴾ عاقبة الخداع تعود عليهم ﴿وَما يَشْعُرُونَ﴾ بأنّ العاقبة تعود عليهم، إذ يحسبون أن نفاقهم يخفى على الناس، في حين أنّ أمرهم مكشوف، لما في شخصية المنافق من التناقض.

﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾ (١٠)

١٠ - ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ وهو مرض النفاق وحب الدنيا، وسمّي مرضا لأنه يحجب الحقيقة عن صاحبه، وقد يكون المرض هو الغم الذي في قلوبهم الناتج عن حسدهم وحقدهم على المؤمنين ﴿فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً﴾ لأنّ الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>