للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآيات الدالّة على أن سعادة الدنيا مرتبطة بالاهتداء بالدين والعمل به كثيرة، وقد حجبها عن كثير من المسلمين قول بعضهم في الكفار: لهم الدنيا ولنا الآخرة وهي مغالطة رغم حجة القرآن عليهم، قال تعالى: ﴿فَإِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اِتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى﴾ [طه ٢٠/ ١٢٣ - ١٢٤]، وأما كون الدنيا لهم فقد جعل تعالى في الدنيا سننا وأسبابا ومسببات من أخذ بها وصل إليها، كافرا كان أو مؤمنا، ولو جعلها للمؤمنين خالصة دون غيرهم لبطل التكليف والإختيار والإختبار ولصار الإيمان قسرا.

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ (٣٩)

٣٩ - ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ آيات جمع آية وهي الإشارة أو العلامة أو الرمز، وفي القرآن الكريم لها عدة معان مختلفة بحسب سياق الكلام:

فهي أحيانا تعني الرسالة السماوية، كقوله تعالى: ﴿وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ﴾ [الأنعام ٦/ ٤]، أو الإشارة أو العلامة كقوله تعالى على لسان فرعون مخاطبا موسى: ﴿قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ [الأعراف ٦/ ١٠٦]، وأحيانا أخرى تعني ظواهر الطبيعة وعجائب الخلق، لأنها تشير إلى الحقيقة الغيبية المحجوبة بالظاهر، كقوله تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات ٥١/ ٢٠]، وهي أيضا معجزات الأنبياء، أي الإشارات الإلهية التي تؤيدهم، كقوله تعالى على لسان نبيّه صالح: ﴿هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً﴾ [الأعراف ٧/ ٧٣]، كما أنّ عبارات القرآن الكريم تسمى أيضا آيات، كقوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ﴾ [الحج ٢٢/ ١٦]، لأنّها تشير إلى الحقيقة المطلقة ولأن أسلوبها وصياغتها ومضمونها وإعجازها كلّ ذلك يعتبر إشارات واضحة لمصدرها ﴿أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ لأنّ بصيرتهم عميت عن الحقيقة رغم كلّ الآيات الدالّة عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>