٥٧ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اِتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفّارَ أَوْلِياءَ﴾ أعاد تعالى النهي عن اتخاذ أهل الكتاب والكفار أولياء للمؤمنين، وعلّل هذا النهي بأن أهل الكتاب والكفار قد جعلوا من دين الإسلام هزوا ولعبا، فكيف يجوز التحالف معهم؟ وكيف يؤمن جانبهم؟ فإنهم إن تحالفوا مع طرف من المسلمين فهو للكيد للإسلام وأهله، وليس حبا بهم أو حرصا على صالحهم ﴿وَاِتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي من تقوى الله أن لا تتخذوا مجتمعات اليهود والنصارى والكفار أولياء لكم، ومن لا يتّق الله في ذلك، لا يكون مؤمنا، بل يكون كمن ارتدّ عن دينه (الآية ٥٤).
٥٨ - ﴿وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اِتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً﴾ يسخرون من الأذان ومن الصلاة، ويحاولون إظهار الإسلام على غير حقيقته السامية، بقصد التأثير سلبا في ضعاف العقول، وهو ما يسمى في عصرنا الحاضر تسخير وسائل الإعلام لإضلال البشر ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾ أي إن سبب سلوكهم ذلك، هو أن ملكة العقل لديهم أضلّتهم، بدلا من أن تدلّهم على الطريق الصحيح.
٥٩ - ﴿قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنّا إِلاّ أَنْ آمَنّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ﴾ المعنى ما مبرر نقمتكم علينا يا أهل الكتاب؟ وما مبرر تآمركم علينا؟ وما مبرر محاولاتكم إظهار الإسلام على غير حقيقته؟ فنحن نؤمن بالله، ونؤمن بالقرآن، ونؤمن بالكتب السماوية التي نزلت قبله، والعقل يدلّ أنها جميعا من مصدر واحد هو الله تعالى، فكيف تنقمون منّا الإيمان بالله وحده الذي أنزل الكتب على عباده، فهذا أمر لا يستحق النقمة