للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعجاز القرآن وكشفه عن الغيب، ومن العبر الكثيرة في قصة بني إسرائيل تعريف المسلمين بطبيعة عدوهم وخبث نفوسهم وغدرهم وحقدهم وافترائهم على الحق، وعدم إقامة أي وزن لعهودهم مع الغير، وهي عبر فائقة القيمة يلزم أن يستوعبها المسلمون في التعامل مع عدوهم اليوم.

﴿وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (١٠٤)

١٠٤ - ﴿وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ كان المصريون زمن الفراعنة يعبدون الشمس، وكانت في لغتهم تسمّى "رع"، وكانوا يعتبرون فرعون تجسيدا للإله - الشمس، وممثله على الأرض، لأن لقب فرعون يعني ابن الإله - الشمس، وهو لقب كان يطلق على كل ملك من ملوك مصر - كما كان لقب كسرى يطلق على كل من ملوك الفرس -، وقد عاصر موسى فرعونين: الأول هو رمسيس الثاني ويلقّب فرعون الاضطهاد، لشدة اضطهاده اليهود في مصر، وهو الذي كان يقتّل أبناءهم ويستحيي نساءهم (الآية ١٢٧)، وقد ولد موسى في عهده وتربّى في قصره، والثاني: منفتاح ابن رمسيس الثاني الذي بعث موسى في عهده، ويسمى فرعون الخروج، لأنّ بني إسرائيل خرجوا من مصر في عهده، وهو الذي غرق في البحر الأحمر أثناء مطاردته بني إسرائيل، وكان حكم هذين الفرعونين خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وفي هذه الآية (١٠٤) يقول موسى لفرعون أنه رسول من ربّ العالمين، والمعنى أن لهذا الكون ربّا، وهو ربّ العالمين جميعا، بمن فيهم فرعون مدّعي الألوهية، وأن ربّ العالمين وحده يستحق العبادة.

﴿حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ (١٠٥)

١٠٥ - ﴿حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ يترتّب على كوني رسول من ربّ العالمين أني لا أقول عنه إلا الحق، فلا أفتري عليه الكذب، ولا مجال للزعم بأني ساحر، ولا طالب زعامة، وهذه مقدمة لإقناع فرعون بما

<<  <  ج: ص:  >  >>