﴿إذ ناداه ربه لبعثته النبوية، عند جبل الطور في سيناء بالوادي المقدس طوى، أي الذي بورك فيه مرتين، مرة حيث سمع موسى نداء ربه ومرة حيث تكرست نبوّته: ﴿إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً﴾ (١٦)، وطوى مثل ثنى، والطيّ الثني، وطوى اسم للشيء المثنّى، وقد يكون المعنى أيضا الوادي المقدّس المبارك.
وأنه ﷾ برحمته التي وسعت كل شيء يتيح فرصة الهداية حتى لأعتى الطغاة: ﴿اِذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى﴾ (١٧) فقد تجاوز فرعون كل الحدود بادعائه الألوهية،
وقد أمر الله تعالى موسى أن يدعو فرعون برفق ولين: ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى﴾ (١٨) أي هل لك رغبة أن تكون زاكيا، أي طاهرا من العيوب؟
فأوضح موسى لفرعون أنّ معرفة الله هي السبيل الوحيد للتفريق بين الصواب من الخطأ: ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى﴾ (١٩)
ثم بيّن لفرعون طريق الهداية الكبرى، أي طريق الهداية الإلهية: ﴿فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى﴾ (٢٠) في إشارة أن الله تعالى لا يترك أحدا يتخبط في ضلاله دون أن يبيّن له الطريق الصحيح، ونظيره قوله تعالى: ﴿ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ﴾ أي بظلم منها لأن الله ليس بظلاّم للعبيد ﴿وَأَهْلُها غافِلُونَ﴾ عن الحقيقة [الأنعام ١٣١/ ٦].
وفي مقابل ظهور الآية الكبرى الباهرة يكون ادعاء الألوهية من قبل فرعون منتهى الطغيان: ﴿فَكَذَّبَ وَعَصى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى * فَحَشَرَ فَنادى * فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى﴾ (٢١ - ٢٤)
فكانت عاقبته تنكيلا في الآخرة والدنيا: ﴿فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥)﴾