للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَلَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ (١٥٤)

١٥٤ - ﴿وَلَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ﴾ زال عنه الغضب وعاد ساكنا ﴿أَخَذَ الْأَلْواحَ﴾ يزعم اليهود في كتبهم المقدسة التي ابتدعوها أن الألواح تكسّرت عندما ألقاها موسى في غضبه (سفر الخروج ١٩/ ٣٢)، وقد يكون في هذا الزعم محاولة تبرير من قبلهم لكونهم أضاعوا التوراة وتلاعبوا بها، والقرآن لا يذكر شيئا عن تكسّر الألواح، والمعنى أنّها بقيت سالمة ﴿وَفِي نُسْخَتِها﴾ أي في الكتابة المنسوخة عليها، والنسخ بمعنى الكتابة ﴿هُدىً وَرَحْمَةٌ﴾ هدى من الضلال، ورحمة من الشقاء ﴿لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ أي إنّ الهدى والرحمة مختصة بالذين يخافون ربهم يقينا.

﴿وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَاِرْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ﴾ (١٥٥)

١٥٥ - ﴿وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا﴾ أي اختار من قومه سبعين رجلا، - بحذف حرف الجرّ وهو شائع في القرآن، انظر إعراب القرآن للزجاج، الباب الرابع - ويحتمل أيضا أن يكون تقدير الكلام: اختار موسى قومه لميقاتنا، بأن يكون المراد من قومه المعتبرين منهم فقط، فيكون قوله ﴿سَبْعِينَ رَجُلاً﴾ بيانا لعددهم، أي اختارهم من نجباء القوم، أهل الاستعداد والصفاء والإرادة، والمعنى أنّ موسى خرج بهؤلاء السبعين لميقات ربّه، ويبدو أنه الميقات المشار إليه في آية [البقرة ٥٥/ ٢]، ﴿فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ وفي سورة البقرة أن الصاعقة أصابتهم عندما طلبوا أن يروا الله جهرة، ويحتمل أنها أصابتهم بالرجفة حتى أغمي عليهم، وقال الألوسي إنها رجفة البدن واقشعرار الجسد وارتعاده لشدة الرهبة ﴿قالَ﴾ بمعنى الدعاء ﴿رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ﴾ من قبل، أي عندما وافقوا قومهم على عبادة العجل، أو عندما تحدّوا موسى وطلبوا أن يروا الله جهرة ﴿أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا﴾ ما فعلوه من عبادة العجل

<<  <  ج: ص:  >  >>