﴿ولو شاء تعالى لجعل الناس أمة واحدة بأن ألجأهم إلى الإسلام طوعا أو قسرا، ولكنّ حكمته اقتضت تكريم الإنسان بحرية الخيار، فمنهم من يختار الهداية ومنهم من يظلم نفسه، ثم في النتيجة يلقى كل فرد عاقبة خياره: ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ (٨)،
وعلى المؤمنين بعد أن يستنفدوا إمكانات الحوار والإقناع والتفاهم مع الآخرين أن يتركوا الحكم لله يحكم به بينهم يوم القيامة (انظر الآية ١٥): ﴿وَمَا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ (١٠)،
لأن الله تعالى ليس كالأولياء المزعومين، بل مختلف عن كل ما يمكن للإنسان أن يتخيل أو يتصور أو يحدّد أو يقارن، وحتى كيفية وجوده ليست بوسع الفكر البشري: ﴿فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١١)،
وهو وحده المهيمن على الخلق، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر بحسب المصلحة: ﴿لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (١٢)،
وأن النبي ﷺ علم من خلال الوحي ما نزل عليه وعلى الأنبياء قبله من الدين الواحد، غير أنّ استكبار المشركين واعتدادهم بالشركاء المزعومين أدّى بهم إلى التفرّق شيعا رغم أن دعوة الأنبياء واحدة لقوله: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ﴾ [آل عمران / ١٩٣]: