﴿وقد ذكر الرازي أربعة مراتب من العذاب الروحاني الذي يترتب على المكذّبين لشدة تعلقهم بمادية الدنيا حتى يتجرع أحدهم غصة الحرمان وألم الفراق: ﴿إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً * وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً﴾ (١٢ - ١٣)
يوم تزلزل الأرض والجبال، وتصبح الجبال كالرمال المتحركة: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً﴾ (١٤)
ثم تبيّن السورة أن ليس ما يدعو للاستغراب من بعثته ﵇ فهي استمرار لما سبق من بعث الرسل، كبعثة موسى إلى فرعون: ﴿إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً﴾ (١٥)
وأن عاقبة من يعصون الأنبياء واحدة في الماضي والحاضر، وهي عاقبة ثقيلة وخيمة: ﴿فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً﴾ (١٦)
فكيف للناس أن يتقوا أوخم العواقب مع كفرهم برسالة النبي ﷺ: ﴿فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً * السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً﴾ (١٧ - ١٨)
وأن الرسالة الإسلامية، تذكرة للناس فهي ليست قسرا ولا إجبارا، فمن شاء اهتدى بها: ﴿إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اِتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ (١٩)
وتختم السورة بالعودة إلى النقطة التي بدأت منها وهي التركيز على فوائد قيام الليل: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ﴾ وأن المؤمنين مقبلون بشوق على قيام الليل في الوقت الذي لا يكون تركيزهم على المدة الزمنية التي أمضوها في القيام: ﴿عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ﴾ فقبل تعالى توبتهم ورخّص لهم بقراءة ما تيسّر من القرآن دون التركيز على المدة الزمنية: ﴿فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ فمنهم المرضى ضعاف الأجسام، ومنهم الذين يضربون في الأرض