للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ﴾ (٢٠)

٢٠ - ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ﴾ أصل الوسواس الهمس الخفي، ووسوسة الشيطان للبشر هي ما يجدونه في أنفسهم من الخواطر الرديئة التي تزّين لهم القبيح ﴿لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما﴾ أي ليبدي لهما طريق المعصية، لأنه كان موارى عنهما قبل ذلك، والسوأة ما يسوء الإنسان ظهوره، فهي بهذا المعنى نتيجة معصيتهما، وإذا أضيفت السوأة إلى الإنسان فقد يراد بها العورة الفاحشة، لأنه يسوءه ظهورها بالفطرة، ما لم تفسد فطرته، وقد يراد بها المنظر الذي يسوء ناظره كقوله تعالى ﴿لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ﴾ [المائدة ٣١/ ٥] أي منظر أخيه المقتول، وقال الرازي أيضا أن بدوّ السوأة كناية عن سقوط الحرمة وزوال الجاه عن المرء، وقال الألوسي إنها كناية عن إبداء الأمور الرذيلة لدى المرء، المعتبرة عورات عقلا ﴿وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ﴾ تكونا بمنزلة الملائكة ﴿أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ﴾ يكون لكما الخلود إن أكلتما من شجرة الخلد والملك، لقوله ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى﴾ [طه ١٢٠/ ٢٠].

﴿وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ﴾ (٢١)

٢١ - ﴿وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ﴾ أقسم لهما إنه من الناصحين، وقيل المعنى أنه أقسم لهما بالنصيحة وأقسما له بقبولها، ويلاحظ أن ليس في الآيات ما يشير إلى أن حواء هي التي أغرت آدم بالمعصية بل الواضح من صريح الآية أنّ إبليس أغراهما معا، وما يروج خلاف ذلك فمن الإسرائيليات المذكورة في كتب اليهود بقصد الحطّ من منزلة المرأة.

﴿فَدَلاّهُما بِغُرُورٍ فَلَمّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>