للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يقدر على دفع سننه تعالى فيه، حتى أن ظلالهم تنقاد له ﴿وَظِلالُهُمْ﴾ أيضا محكومة بمشيئته في الامتداد والتقلص والفيء والزوال بحسب ارتفاع الشمس وميلها ﴿بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ﴾ قالوا إنه تعالى خصّ الغدو والآصال، أي الصباح والمساء، بالذكر لأن الظلال تمتد وتطول بين هذين الوقتين وبين وقت الظهيرة.

﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ﴾ (١٦)

١٦ - بعد أن حشدت السورة البراهين القاهرة على قدرته تعالى في الخلق وعلى دلائل التوحيد وأن كل من في السماوات والأرض منقاد له طوعا أو كرها تنتقل هنا إلى الرد على المشركي:

﴿قُلْ﴾ أيها النبي، أو أيها الداعية، للمشركين: ﴿مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ ليس سؤال استفهام بل سؤال إقرار ﴿قُلِ اللهُ﴾ فالموضوع ليس مجال إنكار منهم سوى أنهم مشركون يعتقدون أن للشركاء المزعومين حظوة عنده تعالى ﴿قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ﴾ مع كل هذه البراهين والآيات الكونية، تعبدونهم وتستنصرونهم وتدعونهم ﴿لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا﴾ فمن باب أولى أنهم لا يملكون لكم النفع أو الضرر ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى﴾ الكافر أو المشرك الذي تعمى عليه هذه الحجج ﴿وَالْبَصِيرُ﴾ منفتح الذهن على الحقيقة ﴿أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ﴾ ظلمات الشرك والكفر ﴿وَالنُّورُ﴾ نور الإيمان والتوحيد ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ﴾ فالشركاء الموهومين في منتهى العجز حتى أنهم لا يقدرون على ما تقدر عليه المخلوقات، فضلا عن مضاهاة قدرة الخالق ﴿فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ﴾ فكيف تلتبس الأمور عليهم؟ فالله تعالى يخلق من العدم ولا يمكنهم ذلك ﴿قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ لا شريك له في الخلق ﴿وَهُوَ الْواحِدُ﴾ لا شريك له ﴿الْقَهّارُ﴾ الغالب على أمره لا تتغير سننه في خلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>