للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ بظهوره الدائم وبظهور مخلوقاته التي تدل على وجوده ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ في قلب المؤمن، وهي الأدلة العقلية، والنقلية من الوحي، أي المعارف والعلوم التي أفاضهاتعالى في قلبه ﴿كَمِشْكاةٍ﴾ كوة في الجدار غير نافذة، أي كصفة المشكاة في الإثارة والتنوير في قلب المؤمن، والكاف كاف التشبيه وهي تعني استحالة تعريف الله سبحانه ولو بطريق الكناية والمجاز ﴿فِيها مِصْباحٌ﴾ في المشكاة سراج ضخم ثاقب ذو فتيلة مشتعلة، وهو الأدلة العقلية التي بها فقط يتوصّل إلى الإيمان ﴿الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ﴾ في قنديل من الزجاج الصافي، بمثابة الأدلة النقلية من الوحي ﴿الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ مضيء متلألئ، منسوب إلى الدرّ ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ﴾ كثيرة المنافع ﴿زَيْتُونَةٍ﴾ تنبت في أرض النبوات شرق البحر الأبيض المتوسط ﴿لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ﴾ لا يحجبها شيء عن الشمس ولا يظلها جبل ولا شجر فتصيبها الشمس عند طلوعها وعند غروبها، ورسالتها أيضا عالمية للناس قاطبة شرقا وغربا ﴿يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ﴾ إشارة إلى الرسالات السماوية، توضح الحقيقة من تلقاء نفسها، ويكاد الوحي يظهر للخلق قبل نزول القرآن ﴿نُورٌ عَلى نُورٍ﴾ بالنظر لعقلانيتها وسلامتها من التناقض ﴿يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ الهداية، فيوفقه إليها ﴿وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنّاسِ﴾ لكي يصل إلى أفهامهم ما لا يصل إلاّ بالأمثال، ولإبراز المعقول في هيئة المحسوس ﴿وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ معقولا أو محسوسا، ظاهرا أم باطنا.

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ﴾ (٣٦)

٣٦ - استمرار الخطاب من الآية السابقة، أي المشكاة المشار إليها هي في المساجد: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ المساجد ﴿وَيُذْكَرَ فِيهَا اِسْمُهُ﴾ سبحانه ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ﴾ النهار ﴿وَالْآصالِ﴾ والليل، فلا تتحقق المقاصد الروحانية فيها من التسبيح إلاّ من قبل البعض كما في الآية التالية:

<<  <  ج: ص:  >  >>