للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ﴾ (٨٧)

٨٧ - ﴿يا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا﴾ التحسّس استخدام الحواس في التعرف على الأمور والتنقيب عنها ﴿مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ أي من أخبارهما، ولم يذكر الثالث لأن خبره معروف وغيبته اختيارية ﴿وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ﴾ أي من تفريجه الكروب وتنفيسه الهموم ورحمته التي يحيا بها العباد ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ﴾ وذلك لجهل الكفار بالله تعالى وصفاته، قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف ١٥٦/ ٧]، ثم إن إخوة يوسف قبلوا وصية أبيهم وسارعوا للعودة إلى مصر بحجة المقايضة:

﴿فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ (٨٨)

٨٨ - ﴿فَلَمّا دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ على يوسف وهم لا زالوا يجهلون هويته ﴿قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾ أصابنا الهزال بسبب الجفاف والقحط ﴿وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ﴾ اعتذروا أن بضاعتهم التي جاؤوا بها للمقايضة قليلة وقد تكون رديئة لا تليق بما يتوقعون مقابلها من الحبوب، وبضاعة مزجاة بمعنى لا يحرص المرء عليها لتفاهتها ﴿فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ﴾ أتممه لنا ولا تنقصه بسبب قلة بضاعتنا أو رداءتها، والمقصود تساهل معنا ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا﴾ بما يزيد عن قيمة بضاعتنا ﴿إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ أحسن الجزاء.

﴿قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ﴾ (٨٩)

٨٩ - يحتمل أن يوسف بنظرته النبوية كان يعلم - علما إجماليا - موقف أبيه من إخوته ووصيته لهم أن يذهبوا فيتحسسوا من أخباره وأخبار أخيه، وخاصة بعدما علم من بنيامين أخبار أبيه وحزنه وتعاسته، فلذلك استغرب منهم تركيز كلامهم على البضاعة والكيل، ولا بد أيضا أنه تأثر من وصفهم حالهم وحال

<<  <  ج: ص:  >  >>