للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشبهة، وتنبيها على أنه إذا عمل الطين كهيئة الطير فإنّ بعث الحياة في الطين يكون من الله تعالى ولمجرّد إظهار المعجزات على أيدي الرسل ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ﴾ الأكمه هو الذي يولد أعمى، وكرّر قوله بإذن الله لإزالة أوهام من قد يعتقد فيه الألوهية ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ وهو من قبيل اطلاع الأنبياء على بعض الغيب ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ويلاحظ من لفظ الآية أنّه تعالى جعل هذه المقدرة في عيسى ليتحدّى بها بني إسرائيل، لأنهم لطفولتهم العقلية، اعتادوا على طلب المعجزات الحسية من زمن موسى .

﴿وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾ (٥٠)

٥٠ - ﴿وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ﴾ مؤكّدا ما بقي بين يديّ أو الصحيح الذي بقي منها، انظر شرح الآية (٣) أعلاه ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ وهو ما اشتملت عليه الخرافات التي أدخلها أحبارهم على الشريعة وتمسّك بها عوامّهم فنفاها عنهم، لأنّ المسيح لم يأت لليهود بشريعة جديدة، ولكن جاءهم بما يخلّصهم من الجمود والتعلق بالظواهر والشكليات والشوائب التي تراكمت على الشريعة، وليعود بهم إلى جوهر الدين وحقيقته، انظر شرح الآية (٩٣)، ﴿وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ دلالة على صدقي ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾.

﴿إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ (٥١)

٥١ - ﴿إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾ نفى عيسى الألوهية عن نفسه، وأفهمهم أن الله تعالى ربّ الجميع، إزالة لأي التباس أو سوء فهم، وقد ورد مثل هذا القول حرفيا في كتب المسيحية على لسان عيسى (سفر يوحنا ٢٠/ ١٧)، ومع ذلك كذّبوه وأصروا على تأليهه ﴿فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ هذا هو الطريق الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>