﴿أقرّوا أنهم حرموا الخير بسبب منع الفقراء نصيبهم: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ (٢٧)
فقال لهم أحسنهم وأرجحهم عقلا: ﴿قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ﴾ (٢٨) إذ لا شيء يمكن أن يتم إلاّ بمشيئة الله.
﴿قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا﴾ عن أن يجري في ملكه شيء إلاّ بإرادته ومشيئته، ثم اعترفوا بسوء فعلهم ﴿إِنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ (٢٩)
وصار يلوم بعضهم بعضا: ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ﴾ (٣٠)
فلم يدركوا الحقيقة إلا بعد معاينة عذاب الدنيا: ﴿قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا طاغِينَ * عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها﴾ وليس خيرا منها إلاّ مغفرته تعالى:
﴿إِنّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ﴾ (٣١ - ٣٢)
﴿كَذلِكَ الْعَذابُ﴾ في الدنيا ﴿وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (٣٣) أي لو كانوا من أهل العلم لعلموا أن عذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا، وهو بمعنى قوله تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة ٢١/ ٣٢]،
وفي مقابل شرار الناس تصف السورة حال خيارهم: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ في الآخرة ﴿جَنّاتِ النَّعِيمِ﴾ (٣٤) أي النعيم الخالص من شوائب الدنيا،
إذ يستحيل أن تكون عاقبة المسلمين كعاقبة المجرمين: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ﴾ (٣٥)
ثم تقرّعهم الآية: ﴿ما لَكُمْ﴾ أيها الخاطئون، إذ ليس من دليل عقلي يؤيد ما ذهبتم إليه، فعلى ماذا تبنون أحكامكم؟ ﴿كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)﴾