للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١)

١ - ﴿سُبْحانَ﴾ تنزيها له تعالى عن كل ما لا يليق بقدسه ﴿الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ﴾ محمد، وتعبير ﴿بِعَبْدِهِ﴾ إشارة لكونه بشرا، وليس فوق جنس البشر، بالرغم من الإعجاز في إسرائه ومعراجه ﴿لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ الأقصى، أي الأبعد بالنسبة للمسجد الحرام، وهو موقع مسجد سليمان في بيت المقدس، وقوله: ﴿الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ﴾ إشارة إلى مبعث العدد الكبير من أنبياء بني إسرائيل في فلسطين، آخرهم عيسى المسيح ، والمقابلة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى بما يفيد أن الإسلام ليس دينا جديدا، بل استمرارا وتتويجا وختما لما سبقه من الرسالات السماوية ﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا﴾ لكي يرى محمد بعضا من آيات ربّه، وليس كلها، لأنّ ﴿مِنَ﴾ تفيد التبعيض، ومما يدلّ أن عالم الغيب بمجمله لا يطّلع عليه أحد، بمن فيهم خاتم الأنبياء والرسل ﴿إِنَّهُ هُوَ﴾ الله تعالى ﴿السَّمِيعُ﴾ لدعاء عباده ﴿الْبَصِيرُ﴾ البصير بأحوالهم،

﴿وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً﴾ (٢)

٢ - يلاحظ في الآية المتقدمة وفي هذه الآية انتقال الخطاب من ضمائر الغائب إلى الحاضر إلى الغائب إلى الحاضر، في إشارة إلى أن الله تعالى ليس كمثله شيء، فلا تحيط به الضمائر التي تستخدم للبشر،

ويبدو تعلق هذه الآية بما قبلها واضحا لجهة الربط بين الإسراء بالنبي إلى بيت المقدس، وبين نزول الكتاب على موسى ، فالإسراء من ذات المرتبة الروحية السامية التي تقابل نزول الكتاب على موسى، وهو من التكريم للنبيّ أيضا ما يقابل تكليمه تعالى لموسى، انظر آية [النساء ١٦٤/ ٤]، وآية [الأعراف ١٤٤/ ٧]:

<<  <  ج: ص:  >  >>