٣١ - بعد أن ذكرت الآيات السابقة شبهات الكفار تجاه الوحي، تورد هذه الآية والآيات التي تليها الحجج تجاه ذلك: ﴿قُلْ﴾ أيها النبي، أو أيها المسلم، لأولئك المشركين، وللمشركين في كلّ زمن: ﴿مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ﴾ غير الله سبحانه، رزقا معنويا وماديّا ﴿أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ﴾ بما فيهما من إعجاز، ومن يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة ﴿وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ كخروج النبات من الأرض الميتة، ثم موت النبات، أو كإحياء الإنسان من العدم ثم موته، وعلى المعنى المجازي: من يخرج المؤمن من الكافر، والشرّير من الصالح، انظر [الأنعام ١٢٢/ ٦]، حيث جعل تعالى الكفر موتا والإيمان حياة ﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ أمور الخلق والكون العجيب وما أودعه فيه من النظام والسنن ﴿فَسَيَقُولُونَ اللهُ﴾ بلا جدال، فهم مقرّون بذلك مع شركهم ﴿فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ عواقب الشرك، مع اعترافكم أنّ كل هذه النعم والإعجاز وتدبير الكون منه تعالى وحده.
٣٢ - ﴿فَذلِكُمُ اللهُ﴾ لا إله إلاّ هو ﴿رَبُّكُمُ الْحَقُّ﴾ من كانت هذه قدرته في إنعامه عليكم، وأنه الحيّ بذاته، المحيي لغيره، فهو ربّكم الحقّ الثابت بذاته، المتحققة ربوبيته وألوهيته دون سواه ﴿فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ﴾ فكلّ معبود سواه باطل ﴿فَأَنّى تُصْرَفُونَ﴾ كيف تصرفون عن عبادته وحده؟ إلى عبادة ما سواه؟ بعد أن عرفتم هذا الأمر الواضح؟