﴿لَكَ﴾ [الإسراء ٧٩/ ١٧]، أو الزيادة عن الاستحقاق كقوله تعالى ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً﴾ [الأنبياء ٧٢/ ٢١]، وهنالك مغزى من استعمال تعبير "الأنفال" في هذه الآية بدلا من تعبير "الغنائم" الذي سوف يرد في الآية (٤١)، وهو أن المسلم لا يحارب لأجل الغنائم، وإن حصلت غنيمة فتكون نافلة، أي زيادة عن الغرض الذي تم القتال من أجله، فهي نتيجة للحرب وليست هدفا لها، ولولا تأييده تعالى لعباده بالنصر لما كانت أنفال، والنتيجة أنّ السؤال عن حصصهم من الأنفال لا موجب له أصلا، فما بال هؤلاء الناس يسألون؟ ﴿قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ﴾ أي قل لهم أيها الرسول إن الأنفال لله يقرر حكمها كما سيرد في الآية (٤١)، وللرسول يقسمها بحسب حكمه تعالى، وهي ليست بتصرف المقاتلين، ولم تكن في الأصل هدفا للحرب، وإنّ من يحارب لأجل الغنائم فهو مخطئ ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ اتقوا عقاب الله ولا تختصموا بشأن الأنفال، وليكن قتالكم في سبيل الله فقط دون متاع الدنيا ﴿وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ﴾ أصلحوا حال ما بينكم حتى تعم بينكم الألفة والمحبة والاتفاق، وانتهوا عن الخصومة والشقاق ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ إن كنتم كاملي الإيمان ينصبّ هدفكم من الحرب بكامله على إعلاء شأن الدين.
٢ - ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ حقا ﴿الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ الوجل الشعور بالخوف والرهبة، والمعنى أن المؤمن إذا ذكر الله في الصلاة أو في القلب وغيره، فإنه يستحضر في نفسه عظمة الله وكبرياءه فيقشعر جلده ويحصل الخشوع في قلبه ﴿وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً﴾ زادتهم يقينا واطمئنانا إذ يدركون بيانها وإعجازها ومدلولاتها ﴿وَعَلى رَبِّهِمْ﴾ وحده دون غيره، ومغزى قوله ﴿رَبِّهِمْ﴾ أنه هو متولي شؤونهم ﴿يَتَوَكَّلُونَ﴾ لا يفوّضون أمورهم إلى غير ربهم، ولا يخشون ولا يرجون إلاّ إيّاه، ولا يبقى لهم اعتماد في أمر من أمور الدنيا، بعد اتخاذ الأسباب، إلاّ على الله.