٧٧ - ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ كان عاقبة أمرهم نفاقا في قلوبهم راسخا فيها، متمكنا منها، والضمير في قوله ﴿فَأَعْقَبَهُمْ﴾ عائد إلى البخل، وإخلاف الوعد، المشار إليهما بالآية المتقدّمة، لأن كلاّ منها سمة متأصلة فيهم، ويحتمل أيضا عود الضمير إليه تعالى، لأنّ هذه العاقبة في المنافقين تكون بمقتضى سننه تعالى في خلقه، وهو السبب في إسناد الفعل إلى ذاته العليّة، لأن العمل بما يقتضيه النفاق من البخل، والخيانة ونقض العهد والكذب، من شأن كل ذلك تمكين النفاق وتقويته في قلب صاحبه ﴿إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ﴾ تعالى للحساب في الآخرة ﴿بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ﴾ بنتيجة عدم وفائهم الوعد الذي قطعوه أمام الله ﴿وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ﴾ على أنفسهم لاختلاق الأعذار، وهو شأن المنافقين الدائم أنهم مضطرون للكذب باستمرار، بسبب أن ظاهرهم مخالف لبواطنهم، وفي الحديث:«آية المنافق ثلاث، إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان».
٧٨ - ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ﴾ الكامن في صدورهم ﴿وَنَجْواهُمْ﴾ ويعلم كلامهم الخفي الذي يسرّونه فيما بينهم، طعنا في الدين، فكيف يتجرؤون على النفاق؟ ﴿وَأَنَّ اللهَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾ يعلم ما في صدورهم، وما يتناجون به من الأسرار، ويعلم ما غاب عن جميع الخلق.