٨٣ - ﴿فَما آمَنَ لِمُوسى﴾ بعد ظهور المعجزة ﴿إِلاّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ﴾ قليلي العدد سواء من بني إسرائيل أو من المصريين ﴿عَلى خَوْفٍ﴾ أي مع خوفهم ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ﴾ كانوا خائفين من فرعون من جهة، ومن جهة ثانية من ملأهم أي من كبار قومهم الذين لم يؤمنوا وهم عرفاؤهم عند فرعون لأنّ الملوك تستعبد الشعوب بعرفاء من الشعوب نفسها ﴿أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾ يبتليهم بالتعذيب ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ﴾ غالب قاهر ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ في أمره، ومن ذلك ادعاؤه الألوهية، وقد يكون المعنى أنه في حين أظهرت الأقلية إيمانا بموسى علانية مع خوفها من فتنة فرعون وملئه، فقد كتمت الأكثرية إيمانها.
٨٤ - ﴿وَقالَ مُوسى﴾ لمّا رأى تخوّف الأكثرين الذين كتموا إيمانهم ﴿يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ﴾ حقّا ﴿فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾ وحده دون غيره ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ إن كنتم في إيمانكم مستسلمين لله مذعنين فعلا لا قولا، والمعنى أن الإيمان لا يمكن أن يكون يقينا إن لم يصدّقه العمل وهو الإسلام، أو الاستسلام لله تعالى والعمل بأوامره وقد بيّنت الآية أنه شرط التوكّل، فإن لم يكن هنالك إسلام تام - استسلام لله - لا يكون بالتالي توكّل صحيح،
٨٥ - ﴿فَقالُوا﴾ امتثالا لأمر موسى: ﴿عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا﴾ أي بعد أن عزموا على قرن القول بالفعل والصبر على الشدائد، ثم أتبعوه بالدعاء: ﴿رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ وهذا الدعاء يحتمل أكثر من معنى منها: ربّنا لا تسلطهم علينا فيفتنونا، أي نصبح مفتونين منصرفين عن هذا الدين الحق بظلمهم وقهرهم، ولا تفتنهم بنا فيزدادوا كفرا وعنادا لظنهم أن لو كنّا على