للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (٥)

٥ - ﴿أُولئِكَ﴾ المتّصفين بالصفات المذكورة آنفا ﴿عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ هم على الهدى التام، وهم المفلحون، والفلاح هو النجاح.

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (٦)

٦ - بالمقارنة مع المتقين هنالك المصمّمون على الكفر: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الذين صمّموا على الكفر تصميما لا رجوع عنه ﴿سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ يستوي إنذارهم وعدمه، والكافر في اللغة من يغطي الحقيقة وينكرها، والكافر أيضا الليل المظلم لأنه يستر ويغطي كل شيء، وهو أيضا المزارع لأنه يغطي البذور بالتربة كما في قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ﴾ [الحديد ٥٧/ ٢٠]، والكفر في الدين إنكار النعمة وجحودها، والآية التالية تبيّن أنّ الإصرار على إنكار الحقيقة يترتب عليه موت الملكات الروحية لدى الانسان فيمتنع عليه أي تأثير إيجابي خارجي.

﴿خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ (٧)

٧ - ﴿خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ﴾ هذه سنّة من سننه تعالى في الخلق، فإذا تمكنت من المرء اعتقادات خاطئة وتمسّك بها تعصّبا وانحيازا وتقليدا، انغلق ذهنه عن الحقيقة، كما لو أنه ختم على ملكاته العقلية فعلا، وبما أنه تعالى قد سنّ قوانين الطبيعة بأكملها فهو ينسب «الختم على القلوب «إلى ذاته العليّة، رغم أن ذلك نتيجة طبيعية لحرية خيار المرء وليس قسرا مفروضا عليه ﴿وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ كنتيجة طبيعية لما كانوا عليه في دنياهم، وفي تنكير كلمة العذاب إشارة إلى أنه عذاب مبهم مجهول عند أهل الدنيا، والمعنى أنّ الإعراض عن هدي الإسلام جزاؤه الضنك والتعاسة في الدنيا، وعذاب عظيم في الآخرة، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى﴾ [طه ٢٠/ ١٢٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>