للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحاسب الناس بأعمالهم ولا يخفى عليه شيء منها (الآية ٩٩)، أتبع ذلك بإرشاد الناس أن الخبيث والطيب لا يستويان:

﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ أي لا يغرّنك أيها السامع كثرة الخبيث، لدى الكثير من الناس، من المال الحرام والسحت، ومن الربا والرشوة والغلول والخيانة وأكل مال الآخرين بلا حق، والجاه الزائف والزعامات الزائلة التي تقوم على الظلم أو الضلال، وظنّ البعض أنّ ذلك دليل على رضا الله عن أصحابها، فلا يغرّنك كل ذلك، لأن عاقبة الخبيث وإن كثر ليست كعاقبة الطيّب من المال الحلال والأعمال الصالحة ﴿فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ تفكّروا في ذلك يا أصحاب العقول الراجحة لتتقوا سوء العاقبة في الدنيا والآخرة.

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ (١٠١)

١٠١ - هذه الآية تقرأ مع قوله تعالى: ﴿ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ﴾ (٩٩)، فالرسول قد أدى ما عليه من وظيفة البلاغ الذي كمل به الإسلام، لقوله تعالى:

﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (٣)﴾:

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ لا ينبغي للمؤمنين الإكثار من الأسئلة عن الأحكام الشرعية ودقائق التكاليف ممّا لم يتنزّل به الوحي ولم يخبر عنه الرسول، لئلاّ يكون ذلك سببا لزيادة التكاليف وتشديدها فيشقّ على الأمّة احتمالها، والأولى بالعاقل أن يسكت عمّا لا تكليف فيه، لأنّ الله تعالى أعلم بمصالح العباد من أنفسهم ﴿وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ إن تسألوا عن أشياء نزل بها القرآن ولم تفهموها فالرسول يبديها لكم ويبيّنها لكم، وإن تسألوا عن أمور لم ينزّلها القرآن، فإنّ بيانها قد يسدّ في وجوهكم باب الاجتهاد الذي فوّضه تعالى إليكم، وقد يقيّدكم بقيود

<<  <  ج: ص:  >  >>