للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكثرون»، ﴿وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ﴾ يموتون على الكفر، لشدة انشغالهم بالدنيا وغفلتهم عن الآخرة.

﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾ (٥٦)

٥٦ - وهذه قبيحة أخرى من قبائحهم أنهم لشدة خوفهم على دنياهم يحلفون الأيمان الكاذبة: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ﴾ المنافقون يحلفون للمؤمنين ﴿إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ﴾ أي على دينكم ﴿وَما هُمْ مِنْكُمْ﴾ ليسوا على دينكم ﴿وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ﴾ شديدي الخوف منكم، لأنّ الفرق الخوف الشديد الذي يمزّق القلب،

﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾ (٥٧)

٥٧ - ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً﴾ يلجئون إليه ﴿أَوْ مَغاراتٍ﴾ تغور بهم وتخفيهم عنكم ﴿أَوْ مُدَّخَلاً﴾ يستترون بالدخول إليه ﴿لَوَلَّوْا إِلَيْهِ﴾ لانصرفوا إليه ﴿وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾ يسرعون كالفرس الجموح لا يردّهم شيء، ومنه يقال جمع الفرس، وهو بيان لحالة الذعر أو الحالة النفسية القلقة التي يعيشها المنافق حتى أنه يود الهروب قبل أن ينكشف أمره، أو قبل أن يضطر للالتزام تجاه الغير.

وهكذا يبيّن القرآن أن السبب الأعمق للنفاق هو الخوف: الخوف من الالتزام الديني الأخلاقي الأدبي، وما يترتب عليه تجاه المجتمع من عمل وتضحيات، وفي نفس الوقت الخوف من الانشقاق عن المجتمع بشكل سافر، والمنافقون في رغبتهم المادية الصرفة المقتصرة على الدنيا، يرغبون في تجاوز المثل والأخلاق والمقاييس في المجتمع ولذلك فهم ﴿يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ﴾ [النساء ١٤٢/ ٤]، و ﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة ٦٧/ ٩]، لأن محاولتهم الخداع غير مقتصرة على الغير بل يخدعون أنفسهم أيضا.

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>