١١ - ﴿إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اِتَّبَعَ الذِّكْرَ﴾ الذكر هو القرآن، واتّباعه بهذا المعنى دراسته وفهمه ﴿وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ﴾ بالغيب لأنه يفوق التصوّر البشري ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ إذ استفاد من ملكاته الفكرية التي حباه الله بها.
١٢ - استمرار الخطاب، والمعنى أن كلا من المؤمنين والكفار اختاروا لأنفسهم، والجزاء يلقونه في الآخرة: ﴿إِنّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى﴾ يوم القيامة ﴿وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا﴾ من عمل صالح أو طالح ﴿وَآثارَهُمْ﴾ التي أبقوها بعدهم من الحسنات: كالعلم الذي علّموه، أو الكتاب المفيد الذي ألّفوه، وما بذلوا في إصلاح المجتمع، ومن السيئات: كمبادئ الشر والفساد التي أحدثوها وسنّوها للمفسدين ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ﴾ من أعمالهم ﴿أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ﴾ لا يفوت منها شيء.
١٣ - بعد ما تقدم بالآيات (١ - ١٢) من نزول القرآن الحكيم على البشرية، وأن أكثر الناس مع ذلك معرضون عن الحقيقة، تضرب الآيات (١٣ - ٣٠) مثلا ببعث الرسل موسى وعيسى ومحمد ﵈:
﴿وَاِضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ﴾ القرية في عرف القرآن هي المجتمع، وقد رأى محمد أسد أن المقصود بها مجتمع شرق البحر الأبيض المتوسط ﴿إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ﴾ بعث فيه موسى وعيسى ومحمد، ﵈.
١٤ - ﴿إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اِثْنَيْنِ﴾ موسى لاقى أشد العنت من بني إسرائيل، ثم انحرفوا بعده إلى الوثنية السافرة، انظر شرح [البقرة ٥١/ ٢]، وعيسى آخر أنبياء