للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعموا أولا أنهم مؤمنون بكتاب ولا حاجة بهم إلى وحي جديد، ثم زعموا أنهم ناجون في الآخرة على كل حال، لأنهم شعب الله المختار، والآن يتعللّون بعذر أغرب مما سبق، فقد ورد في العديد من الروايات الصحيحة أنّ أحبار اليهود في المدينة كانوا يصفون جبريل بأنه عدو الله لثلاثة أسباب:

الأول: زعموا أن جميع المصائب التي لحقت بني إسرائيل في مطلع تاريخهم تكلّم بها جبريل، في حين أنّ ميكال كان يحمل إليهم الأنباء السارة فأصبح صديقهم بزعمهم،

والثاني: لأنّ القرآن نزل به جبريل على محمد وهم أرادوا أن يكون النبي المنتظر منهم،

والثالث: أن القرآن يشتمل على النقد المرير لبني اسرائيل بسبب عصيانهم رسالة موسى،

فأخبرهم تعالى إن جبريل يتنزّل بالوحي على محمد بإذن الله وليس من عند نفسه ﴿مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ مصدّقا لما تبقّى من الوحي الذي نزل على أنبيائهم، وليس تصديق كتب اليهود والنصارى بوضعها الحالي ولا بالوضع الذي كانت عليه وقت نزول القرآن، لأنها خضعت لكثير من التحريف والتغيير عبر تاريخها، كما أنه ليس المقصود تصديق تشريعات اليهود والنصارى لأن القرآن نسخها، انظر الآية (١٠٦)، ولكن المقصود تصديق ما تبقى من الحقائق الأساسية في كتبهم وقت نزول القرآن ﴿وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ لو قبل اليهود رسالة الإسلام لاستفادوا من هديه وتبشيره، ولكن استياءهم وغيظهم موجّه ضد الهداية الصحيحة.

﴿مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ﴾ (٩٨)

٩٨ - ما دام ذلك سبب عدائهم لجبريل فليعلموا أنه ﴿مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ﴾ عطف الخاص على العام ﴿فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ﴾ فيعاقبهم على عصيانهم وتعاميهم عن الحقيقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>