للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٠ - ﴿فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ﴾ على العابد ﴿كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾ بعد أن كانت قاحلة بلا نبات، أو بعد الشتاء والجمود ﴿إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى﴾ يوم البعث ﴿وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ لأنه أيضا يحيي موتى القلوب، فيهدي من لديه القابلية للهداية.

﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾ (٥١)

٥١ - ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً﴾ حارّة ﴿فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا﴾ رأوا بساتينهم ومحصولاتهم الزراعية مصفرّة محترقة بسبب الرياح الحارقة ﴿لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾ بما سبق لهم من نعم الله، إذ يريدون أن تسير الأمور على هواهم، ناسين سنن الله تعالى في الأسباب والمسبّبات، وتوسط هذه الآية بين سابقتها وما بعدها فيه إشارة لكون الخطاب مجازا عن إحياء النفوس التي ماتت بالكفر، والنفوس المصرّة على الكفر:

﴿فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى﴾ لا سبيل إلى إسماع موتى القلوب والعقول الذين أغلقوا عقولهم سلفا عن سماع الدعوة ﴿وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ﴾ الذين أغلقوا أسماعهم سلفا عن السماع سماع ذهن مفتوح ﴿إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ عن دعوتك لهم، أيها النبي، أو أيها المؤمن.

﴿وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (٥٣)

٥٣ - ﴿وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ﴾ ولا سبيل لهداية عمي القلوب أيضا، لقوله تعالى: ﴿فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج ٤٦/ ٢٢]، ﴿إِنْ تُسْمِعُ إِلاّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا﴾ الذين عندهم قابلية للسمع بذهن مفتوح غير متشنّج على التقليد، فهؤلاء يؤمنون، بخلاف منغلقي الذهن فلا طائل منهم ﴿فَهُمْ مُسْلِمُونَ﴾ يسلمون وجوههم لله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>