للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالجبن والتخاذل والتفكك والتخلّي عن الديار، ممّا يؤدّي إلى تنكيل العدو بهم، واستيلائه على ديارهم، فيموتون كمجتمع وكأمّة، ويتفرّق شملهم، فهذه دعوة للمؤمنين في كلّ الأوقات كي يكونوا مستعدّين متكاتفين، وتحذير لهم بعدم التقصير ﴿ثُمَّ أَحْياهُمْ﴾ أي أحيا أمّتهم بعد أن غيّروا ما بأنفسهم، فوحّدوا كلمتهم وبذلوا أنفسهم ومالهم لتدارك ما فاتهم، فحياة الأمم متوقّفة على الإيمان والعمل ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ﴾ بما جعل في الحياة من هذه السنن، إذ جعل المصائب سببا لإحياء عزائم الأمم من جديد ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ وهي حال أكثر الناس في غفلتهم وجهلهم بحكمة ربهم، فلا يستفيدون من سنة الله في خلقه.

﴿وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (٢٤٤)

٢٤٤ - ﴿وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ بعد أن حذّر تعالى المؤمنين في الآية السابقة من موتهم كأمة، أتبع تعالى ذلك بالحض على القتال في سبيل الله، دفاعا عن مجتمع المسلمين وعقيدة الإسلام ﴿وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ سميع لدعائكم عليم بعملكم.

﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (٢٤٥)

٢٤٥ - ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ استمرار للآية السابقة، لأنّ القتال في سبيل الله يحتاج لبذل المال للتجهيز للقتال، ولحثّ المؤمنين عليه فقد جعل تعالى بذل المال بمثابة الإقراض له، وهو الغني عن العالمين، وفي التفسير المأثور لهذه الآية قول عمر : القرض الحسن هو المجاهدة والإنفاق في سبيل الله ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً﴾ أي فيضاعف ثوابه، والمضاعفة أيضا تنعكس على الأمة بعزتها وغناها وكثرة مرافقها وسعادتها ودوام النعمة على أفرادها ﴿وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ﴾ يحجب الرزق عن البعض لأنهم يجهلون سننه في

<<  <  ج: ص:  >  >>