للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿مُنِيبٌ﴾ يرجع إلى الله في كلّ أمر، وهذه الصفات من الحلم والتأوه والشفقة والإنابة تعليل لمجادلته الرسل في مصير قوم لوط.

﴿يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ (٧٦)

٧٦ - ﴿يا إِبْراهِيمُ﴾ خطاب الملائكة له ﴿أَعْرِضْ عَنْ هذا﴾ الجدال والاسترحام لهم ﴿إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ المقدّر لهم بإصرارهم على الفسق ﴿وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ لا يردّه جدال، ولا تنفع به شفاعة، فهو عذاب واقع ما له من دافع.

﴿وَلَمّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ (٧٧)

٧٧ - ﴿وَلَمّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً﴾ بعد ذهابهم من عند إبراهيم ﴿سِيءَ بِهِمْ﴾ أي شعر بالسوء لمجيئهم، خوفا عليهم من قومه ﴿وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً﴾ أي طاقة وجهدا، بمعنى عجزه عن ضيافتهم ﴿وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ أي شديد البلاء، لما توقّعه من اعتداء قومه الفسّاق على ضيوفه، قبل أن يعلم أنهم ملائكة.

﴿وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ (٧٨)

٧٨ - ﴿وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ﴾ مسرعين إليه بعد أن علموا بقدوم أضيافه، كأنهم يدفعون دفعا لطلب الفاحشة لأن هذه كانت عادتهم لقوله:

﴿وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ يعملون أنكر الفواحش في الفطرة البشرية، وهي إتيان الرجال شهوة من دون النساء والمجاهرة بها حتى قلّ عندهم استقباحها ﴿قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي﴾ فتزوجوهنّ، ويحتمل أنه قصد بناته من صلبه، فأراد أن يقي أضيافه ببناته وذلك غاية الكرم، ويحتمل أنه قصد بنات قومه إذ كان نبيا لهم فهو كالأب لهم ﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ من التلوث برجس اللواط، فتزوّجوا البنات ﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾ باجتناب الفاحشة ﴿وَلا تُخْزُونِ فِي﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>