معظم المصادر تؤكد أن سورة العنكبوت من أواخر السور المكية، لكن بعضها ينسبها لأوائل الفترة المدنية، وبعضها الآخر يحدد أن الآيات العشر الأولى منها مكية وباقي السورة مدنية، وبعضها يرى العكس، والنتيجة أن سورة العنكبوت نزلت على ما يبدو في الفترة الانتقالية بين الفترتين المكية والمدنية، واشتق اسمها من ضرب المثل بالعنكبوت بالآية (٤١) منها، وهي أولى مجموعة السور الأربع المتتالية:(العنكبوت - الروم - لقمان - السجدة) التي تبدأ بأحرف المقطعات (ألم).
[ارتباط السورة بما قبلها]
في سورة القصص تبين أن بعث الرسل وتنزّل الوحي على البشرية قد تتالى على مر الزمن حتّى ختم بالقرآن، فلم يبق للناس من عذر بالجهل: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (٥١/ ٢٨ - ٥٢)، ثم تفتتح سورة العنكبوت أن الناس، بعد نفي الجهالة عنهم، أصبحوا في موقع المسؤولية، فيختبرهم تعالى في الدنيا بظهور أفعالهم إلى العلن، وليس بعلمه بالغيب منهم: ﴿أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ (٢/ ٢٩) لأن الفتنة هي الاختبار، ثمّ الحياة تصبح جهادا حقيقيا لمن ينجح في الاختبار: ﴿وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٦٩/ ٢٩).