للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اُسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١٦١)

١٦١ - ﴿وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اُسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ القرية هي المدينة أو المجتمع أو البلد، والعرب تسمّي المدينة أو المجتمع قرية، قال تعالى: ﴿وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف ٣١/ ٤٣] أي مكة والطائف، أو فارس والروم، وفي هذه الآية يبدو أن الإشارة لفلسطين، والسكن من السكون، فيكون الأمر بالسكنى متضمنا معنى المسالمة والموادعة والمساكنة مع باقي الناس ﴿وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ أي تمتّعوا من خيراتها، وهي نعمة خامسة بعد النعم الأربعة المذكورة في الآية السابقة ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ أي استغفروا ربّكم، وادعوه أن يحطّ عنكم خطاياكم، وتقدير الخطاب: حاجتنا حطّة ﴿وَاُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً﴾ ادخلوا فلسطين متواضعين خاشعين لله تعالى، مستغفرين تائبين، وكونوا قدوة لغيركم من الناس حتى يدخلوا في الدين أفواجا، مثلما دخل النبي مكة وقت الفتح، ومثلما فعل المسلمون عندما دخلوا البلدان المفتوحة بعد فجر الإسلام ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ﴾ نتجاوز عنها ﴿سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ أي نزيدهم إحسانا وأجرا وثوابا.

﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ﴾ (١٦٢)

١٦٢ - بعد تعداد بعض نعمه تعالى عليهم في الآيتين السابقتين، تبيّن الآيات (١٦٢ - ١٦٩) جحود بني إسرائيل بالإنعام وعقوبتهم عليه ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ عصوا ما أمروا به قولا وفعلا، فبدلا من دخول فلسطين متواضعين مستغفرين تائبين جديرين بحمل الرسالة الإلهية، انظر آيات [البقرة ٥٨/ ٢ - ٥٩]، فقد عاثوا فيها الفساد، وأعملوا في أهلها التقتيل، وارتكبوا من الفظائع والأعمال الوحشية واستخدموا من فنون الغدر والإرهاب في ترويع السكان الآمنين، كل ذلك ممّا هو مدوّن في كتبهم التي سطّرها أحبارهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>