[الحديد ٥٧/ ٢٠] فها هنا الكافر بمعنى الزارع، لأنه يغطي البذور بالتربة، فالكفار تعمى بصيرتهم عن الحقيقة، ويبتعدون عن رحمة الله، وهو معنى اللعنة التي أوجبوها لأنفسهم، فارتباط اللعنة بالكفر، أي بتغطية الحقيقة، كارتباط المسبب بالسبب.
٩٠ - ﴿بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ﴾ بئس ذلك الكبرياء الزائف الذي من أجله خسروا أنفسهم، واشترى بمعنى باع، والمعنى بئس الشيء الذي اختاروا لأنفسهم حيث استبدلوا الباطل بالحق والكفر بالإيمان ﴿بَغْياً﴾ حسدا للعرب ﴿أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ إذ قالوا: إنّما كانت الرسل من موسى إلى عيسى من بني إسرائيل، فما بال هذا من بني إسماعيل؟ يريدون أن يكون الوحي حكرا عليهم دون غيرهم من الناس ﴿فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ﴾ استحقوا غضب الله مرة أخرى بكفرهم بالنبي الأحمد المنتظر، كما استحقّوه في السابق بعصيانهم موسى، وبكفرهم بعيسى ﵉ ﴿وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ مترتّب على إنكارهم الحقيقة.
٩١ - ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا﴾ يدّعون الإيمان بما أنزل على أنبيائهم فقط ﴿وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ﴾ ينكرون الوحي الذي نزل على عيسى ومحمد ﵉ ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ﴾ مصدّقا لما تبقى معهم من الوحي الصحيح، والمعنى أنه لا يمكن تمييز الصحيح من الزيف في كتابهم إلا عبر النظر إليه من منظار إسلامي ﴿قُلْ فَلِمَ﴾ كنتم ﴿تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ﴾ أسند القتل اليهم رغم أنه من فعل آبائهم، لأنهم راضون به