٣٩ - ﴿ذلِكَ﴾ المنهج الأخلاقي العملي الذي بيّنته الآيات المتقدّمة (٢٢ - ٣٨)، ﴿مِمّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾ بعض ما أوحى إليك ربّك من الحكمة، وهي معرفة الصواب من الخطأ، على ضوء المقاييس الأخلاقية التي نزل بها الوحي ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ﴾ من الآلهة الخيالية المزعومة وتنسب لها من المقاييس الأخلاقية الوضعية المناقضة للحكمة ﴿فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً﴾ تلوم نفسك ﴿مَدْحُوراً﴾ لا حول لك ولا قوّة،
وهكذا يكتمل الخطاب، كما بدأ بالآية (٢٢)، بالدعوة إلى التوحيد،
٤٠ - وهذه الآية حتى الآية (٤٤) أمثلة على ضحالة الشرك:
﴿أَفَأَصْفاكُمْ﴾ أفخصّكم ﴿رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاِتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً﴾ إشارة لزعمهم في الجاهلية أن الملائكة بنات الله، رغم أنهم، في تناقض فاضح لسلوكهم، كانوا يئدون البنات ويستبقون الذكور، وفي المعنى العام للآية بيان ضحالة الفكر الذي ينسب من صفات الألوهية لغير الله تعالى، انظر آيات [الأنعام ١٠٠/ ٦ - ١٠١]، ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً﴾ قولا مقيتا لا يقبله العقل السليم، انظر آيات [مريم ٨٨/ ١٩ - ٩٢]،
٤١ - ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ﴾ قلّبنا وأوضحنا لهم من كل الوجوه، في إشارة للآية (٩)، ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾ ما فطروا عليه من الإيمان ﴿وَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ نُفُوراً﴾ شبّهتهم الآية بالحمر النافرة، لشدّة تمسّكهم بالتقليد، وتشنّج عقولهم عليه،